لا شكّ أنّ كلّ بلدٍ يكتسب شهرته من خاصّة تميّزه ، ولعلّ الورد الجوري هو خاصّة سوريا وتحديداً دمشق التي اشتهرت به وسميّ بها . الاسم العلمي للورد الجوريّ ( Rosa Damascene ) ، يُعرف بالورد الدمشقيّ ، وهو الورد الوطني في سوريا ، ويعدّ من أهمّ ورود الشّرق وأجملها ، بل وأفضل الأنواع في العالم ، ويعتبر من أقدم ورود الزّينة ، حيث استخرج منه زيت عطريّ يستعمل في صناعة أشهر العطور وأثمنها وأنفسها .
كانت
قد نقلت هذه الورود خلال القرن الثالث عشر الميلادي خلال الحملات
الصليبيّة إلى أوروبا . وحالياً تهتم سوريا بزراعتها في منطقة النيرب في
حلب ، حيث تسمّد بالسماد القديم المعروف بـ ( البلدي ) ، ليصدّر فيما بعد
من هناك إلى كافّة أنحاء العالم وخاصّة فرنسا ، ليتمّ تصنيعه كعطورٍ
فرنسيّة شهيرة .
الوردة
الجوريّة هي وردةٌ جذّابة عطريّة عبقة ، تمتاز رائحتها بالعذوبة ، توحي
بالثّقة بالنّفس ، وتزرع الأمل والسكينة ، لما لها من دلالاتٍ ترمز للعاطفة
والحبّ الصّادق ، وما تحمّل النفس من نُبل المشاعر وعمق التأمّل والانسجام
. يستخدم الورد الجوريّ ليس فقط في تصنيعه كعطورٍ رائعة ، أو تزيين
الطرقات والحدائق ، وإنّما يدخل في صناعة المربيات وماء الورد والعصير
أيضاً ، ونظراً لوجود مادة قابضة فيه ، فيدخل في تركيب بعض مستحضرات
التجميل .
وقد
تُصيب الورد الجوري عدّة آفات يمكن معالجتها ، كإصابته بحشرة المنّ حيث
يرشّ بسلفات النيوكوتين ، وأيضاً مرض الصدأ الذي يعتبر من الأمراض الفطريّة
التي تصيب الأوراق والسوق ، فتظهر بشكل مسحوق أصفر ولا يعالج إلاّ
بالتقليم بأول شهر من السنة ويرشّ محلول كبريتات النحاس ، وأيضاً هناك
مرضاً فطرياً آخر يصيب البراعم والأوراق فيظر على شكل بقع بيضاء ، فيرشّ
بمحلول الصودا الكاوية والصّابون ، ولا ننسى حشرة العنكبوت الأحمر ، فيلجأ
المزارعون إلى تعفير الجوري بالكبريت .
وللورد
الجوري عدّة ألوان ، أشهرها الأحمر والأصفر والأبيض ، والكثير من الألوان
الجديدة الهجينة . له ظروف خاصة لزراعته، لكنّه يتلاءم مع أغلب بقاع الأرض
ما عدا المناطق الاستوائية . ولكلّ وردةٍ طريقة قطفٍ خاصّة بها ، فالوردة
البيضاء يتمّ قطفها عند تفتّح أول بتلتين ، والحمراء يتمّ قطفها بعد تفتّح
أول بتلتين ، أمّا الوردة الصفراء فتقطف قبل الجميع أيّ قبل تفتّح البتلات
.
لو
سألنا الجغرافيا عن الورد الجوري ، لأجابتنا إنه منتشرٌ في كافّة أنحاء
العالم ، بمئة وخمسين نوعاً من كافّة الألوان والأشكال ، ولو سألنا التاريخ
عنه ، لسوف تخبرنا الحفريات إلى أنّ تاريخ زراعة الورد الجوري عُرف منذ
خمسة وثلاثين مليون سنة ، وقد عثر على بقاياه في المقابر المصريّة الأثريّة
، أما الصين فقد زرعته منذ خمسة آلاف عاماً ، وقد دارت حرباً عرفت بـ (
حرب الورود ) في القرن الخامس عشر ، وكانت هذه الورود تتّخذ رمزاً للجيوش
البريطانيّة وبعض العائلات منها . ويذكر أنّ في القرن التاسع عشر اهتمت
زوجة نابليون الملكة جوزيفين بزراعته في حديقة ( شاتو دي مالمايسون ) لتصبح
حديقة الملكة المفضّلة .