الجمعة، 29 أبريل 2016

الياسمين الشامي " الدمشقي"

الياسمين الشامي



تحمل هذه الزهرة قيمة معنوية عالية بالنسبة للسوريين حيث تحولت إلى رمز دمشقي بعدما ارتبطت بتاريخ الشام وانتشرت في بساتين غوطتها وعلى شرفات منازلها وقرب جدران بيوتها القديمة، ومازالت تشكّل أحد مميزات البيت الدمشقي الرئيسية طالما أن رائحتها توفر أجواء الراحة وتضفي على الجلسات جمالية خاصة.
تغنّى الشعراء بالياسمين وغنوا له، وتدلّى على شرفات المنازل وغطّى أدراج البيوت ومداخلها وعتباتها، وفي مدينة دمشق عطّرت رائحة الياسمين الأزقة والأفق الواسع حتى عُرفت بمدينة الياسمين .
والياسمين البلدي شجرة صغيرة تنتمي إلى الفصيلة الزيتونية، ويصل طولها إلى أمتار عدة، وتزهر دائماً ابتداء من شهر أبريل، وتستمر حتى شهر نوفمبر.

واشُتق اسم الياسمين من لفظة “آسمين” الفرعونية، ثم حُرفت الكلمة إلى الياسمين، حيث وجدت أزهارها على رؤوس وحول أعناق بعض ملوك وملكات الفراعنة.
وظاهرة زراعة الياسمين على أسوار المنازل منتشرة بكثرة في دمشق وغيرها من المدن السورية، وهي تضفي أجواء رومانسية بديعة ببياضها الناصع ورائحتها الزكية، كما ينتشر على الأرصفة باعة الياسمين الذين يجمعون زهوره في أطواق يتبادلها الناس كهدايا رمزية.
تشكّل زهور الياسمين مادة أولية أساسية في صناعة العطور المشهورة، بينما ترتفع قيمتها الصحية عند علاج أمراض وآلام واسعة الانتشار بسبب خواصها الطبية المتعددة.
ويعتبر زيت الياسمين من الزيوت العطرية المرتفعة الثمن، وأفضل أنواعه التي تستخلص من الأزهار التي تجمع ليلاً أو في الصباح الباكر، واستعملت زيوت الياسمين منذ القدم في تحضير العطور، وتستخدم في مجالات متعددة ومنها التجميل، حيث ثبت أنها تفيد في تطرية البشرة وتنشيط الجلد ووقايته من التحسس.
وتستعمل جذور الياسمين الخضراء لمعالجة الأرق والصداع والإجهاد العصبي والتهاب الحنجرة. وتستعمل أوراقها الخضراء في حالات آلام الأسنان والتقرحات المعدية وبعض الأمراض الجلدية
وكما قال الشاعر الكبير نزار قباني
لا أستطيع أن أكتب عن دمشق دون أن يعرش الياسمين على أصابعي
أزهار الياسمين البيضاء ،،،،،، رمز مدينة دمشق ،،،،،،،،
أقدم مدينة في العالم
لايعرف تاريخا" محددا" لبداية العشق بين شجيرات الياسمين ومدينة دمشق ،لقد كان للياسمين - دوما" - مكانا" في غوطة دمشق وبيوتها القديمة وشرفات منازلها وحين يُذكر البيت الدمشقي تتداعى إلى الذاكرة مباشرةً صورة البحرة التي تتوسط أرض الديار، والياسمين الدمشقي يهطل بنعومة ورقة على سطح مياهها وعلى صحن البيت
لقد ظلت هذه الزهور علامة تميّز الهوية السورية، وينبوعاً" للجمال، وأغنية للشعراء، ويذكر “أبو البقاء عبد الله البدري”، وهو من علماء القرن التاسع الهجري، في كتابه “نزهة الأنام في محاسن الشام“ أن من محاسن الشام، الحدائق في سفح جبل قاسيون وبسبب ارتفاعها عن نهر يزيد تم ابتكار أسلوب الدولاب لريّها، وزُرعت بالرياحين والياسمين والأزهار المتنوعة ليحمل منها النسيم العابر طيب الريح، ويسري به إلى أماكن أخرى من المدينة.
وغوطة دمشق كانت جنة غناء تتمايل فيها الأغصان الرقيقة للياسمين لتملأ الجو بعبق أريجها الساحر
وزوار المدينة وبخاصة الشعراء فتنوا بجمال أزهار الياسمين، الذي كان يتدلّى على الشرفات الداخلية للمنازل ويغطّي أدراج البيوت ومداخلها وعتباتها، فلقد وصفها الشاعر الأندلسي ابن الأبّار:
“ فتلك عروش الياسمين وزهره .... تبدو كزهر النجوم وسط أفلاكها”
والياسمينة الدمشقية غادة السمان (التي يظن الكثيرين أنها لبنانية وليست سورية) مافتئت تذكر الياسمين في كل قصيدة لها حتى ظننت أن عطر الياسمين الدمشقي يسري في عروقها بدلا" من دمها، لقد كان الياسمين سلواها في غربتها
ومثيرا" دائما" لحنينها إلى دمشق
حين تبتسم
تنمو حقول الياسمين الدمشقي
فوق أيامي المعدنية الصدئة ...
والشاعر نزار قباني الذي أهدته دمشق “أبجدية الياسمين” التي كتب بها الكثير من قصائده، في أواخر حياته أوصى بأن يُدفن في التراب نفسه الذي نبتت فيه حبيبته ياسمينة دمشق، حيث قال: “إنني أرغب في أن ينقل جثماني بعد وفاتي إلى دمشق ويدفن فيها في مقبرة الأهل لأن دمشق هي الرحم الذي علمني الشعر وعلمني الإبداع وأهداني أبجدية الياسمين”
ستبقى لهذه الزهرة البيضاء الناعمة مكانا" عزيزا" في ذاكرة السوريين
وستبقى مدينة دمشق
معطرة بأريج الياسمين
مدينة تحمل أجواء الحنين


0 التعليقات:

إرسال تعليق